تابع خطبة فاطمة الزهراء في المسجد النبوي الشريف:
عِتَابٌ وَخِطَابٌ مَعَ المُسْلِمينَ:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إِيهاً بَنِي قِيلَةَ ! (1) . أَأُهْظَمُ تُرَاثَ أَبِي ؟ وَأَنْتُمْ بِمَرْأَى مِنِّي وَمَسْمَعٍ . وَمُنْتَدَى وَمَجْمَعٍ (2) . تَلْبَسُكُمُ الدَّعْوَةُ . وَتَشْمَلُكُمُ الْخُبْرَةُ (3) . وَأَنْتُمْ ذَوُو الْعَدَدِ وَالْعُدَّةِ . وَالأَدَاةِ وَالْقُوَّةِ . وَعِنْدَكُمُ السِّلاَحُ وَالْجُنَّةُ . تُوَافِيكُمُ الدَّعْوَةُ فَلاَ تُجِيبُونَ ؟ وَتَأْتِيكُمُ الصَّرْخَةُ فَلاَ تُغِيثُونَ ؟ وَأَنْتُمْ مَوْصُوفُونَ بِالْكِفَاحِ . مَعْرُوفُونَ بِالْخَيْرِ وَالصَّلاَحِ . وَالنُّخْبَةُ الَّتِي انْتُخِبَتْ . وَالْخِيْرَةُ الَّتِي اخْتِيرَتْ (4) لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ . قَاتَلْتُمُ الْعَرَبُ . وَتَحَمَّلْتُمُ الْكَدَّ وَالتَّعَبَ (5) . وَنَاطَحْتُمُ الأُمَمَ . وَكَافَحْتُمُ البُهَمَ (6) . لاَ نَبْرَحُ أَوْ تَبْرَحُونَ . نَأْمُرُكُمْ فَتَأْتَمِرُونَ . حَتَّى إِذَا دَارَتْ بِنَا رَحَى الإِسْلاَمِ . وَدَرَّ حَلَبَ الأَيَّامِ . وَخَضَعَتْ ثَغْرَةُ الشِّرْكِ . وَسَكَتَتْ فَوْرَةُ الإِفْكِ . وَخَمَدَتْ نِيرَانُ الْكُفْرِ . وَهَدَأَتْ دَعْوَةُ الْهَرَجِ . وَاسْتَوْثَقَ نِظَامُ الدِّينِ . فَأَنىَّ حِرْتُمْ بَعْدَ الْبَيَانِ ؟ وَأَسْرَرْتُمْ بَعْدَ الإِعْلاَنِ ؟ وَنَكَصْتُمْ بَعْدَ الإِقْدَامِ ؟ وَأَشْرَكْتُمْ بَعْدَ الإِيمَانِ ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــ
(1) إيهاً: بمعنى هيهات أو مزيداً من الكرم.
(2) منتدى : مجلس القوم . (3) الخُبرة: العلم بالشيء.
(4) الخِيرة: المفضل من
القوم. (5) الكد: التعب . (6) البُهَم جمع بهمة: الشجاع.
تابع الخطبة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (1) . أَلاَ : قَدْ أَرَى أَنْ قَدْ أَخْلَدْتُمْ إِلَىالْخَفْضِ (2) . وَأَبْعَدْتُمْ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْبَسْطِ وَالْقَبْضِ . وَخَلَوْتُمْ بِالدِّعَةِ (3) . وَنَجَوْتُمْ مِنَ الضِّيقِ بِالسَّعَةِ (4) . فَمَجَجْتُمْ مَا وَعَيْتُمْ (5) . وَدَسَعْتُمْ الَّذِي تَسَوَّغْتُمْ (6) . فَـ ( إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ) .
أَلاَ : قَدْ قُلْتُ مَا قُلْتُ ، عَلَى مَعْرِفَةٍ مِنِّي بِالْخِذْلَةِ الَّتِي خَامَرَتْكُمْ (7) . وَالْغَدْرَةِ الَّتِي اسْتَشْعَرَتْهَا قُلُوبُكُمْ (8) . وَلَكِنَّهَا فَيْضَةُ النَّفْسِ (9) . وَنَفْثَةُ الْغَيْظِ (10) . وَخَوَرُ الْقَنَا (11) . وَبَثَّةُ الصَّدْرِ . وَتَقْدِمَةُ الْحُجَّةِ . فَدُونَكُمُوهَا ، فَاحْتَقِبُوهَا دَبِرَةَ الظَّهْرِ (12) .نَقْبَةَ الْخُفِّ (13) . بَاقِيَةَ الْعَارِ . مَوْسُومَةً بِغَضَبِ الجَبَّارِ . وَشَنَارِ الأَبَدِ (14) . مَوْصُولَةً بِنَارِ اللهِ الْمُوقَدَةِ ، الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ . فَبِعَيْنِ اللهِ مَا تَفْعَلُونَ . ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) وَأَنَا ابْنَةُ نَذِيرٍ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ . ( فَاعْمَلُوا إِنَّاعَامِلُونَ ، وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــ
(1) سورة التوبة آية 13 . (2) الخفض : الراحة.
(3) الدعة : خفض العيش . (4) وفي نسخة إلى السعة.
(5) مججتم : رميتم . ووعيتم : حفظتم . (6) دسعتم: تقيأتم.
وتسوَّغتم : شربتم بسهولة . (7) خامرتكم : خالطتكم.
(8) استشعرتها: لبستها. (9) فاض صدره بالسر: باح به.
(10) كالدم الذي يرمى به من الفم ويدل على القرحة .
(11) ضعف النفس على التحمل . (12) دونكموها: خذوها.
دبرة : مقروحة. (13) نقبة الخف : رقيقة. (14) شنار: العيب والعار.
تابع الخطبة:
ــــــــــــــــــــ
فَأَجَابَهَا أَبُو بَكْرٍ ( عَبْدُ اللهِ بِنْ عُثْمَانَ ) وَقَالَ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ ! لَقَدْ كَانَ أَبُوكِ بِالْمُؤْمِنِينَ عَطُوفاً كَرِيماً . رَؤُوفاً رَحِيماً . وَعَلَى الْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً . وَعِقَاباً عَظِيماً . إِنْ عَزَوْنَاهُ وَجَدْنَاهُ أَبَاكِ دُونَ النِّسَاءِ (1) . وَأَخَا إِلْفِكِ دُونَ الأَخِلاَّءِ (2) . آثَرَهُ عَلَى كُلِّ حَمِيمٍ (3) . وَسَاعَدَهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ جَسِيمٍ . لاَ يُحِبُّكُمْ إِلاَّ سَعِيدٌ . وَلاَ يُبْغِضُكُمْ إِلاَّ شَقِيٌّ بَعِيدٌ . فَأَنْتُمْ عِتْرَةُ رَسُولِ اللهِ الطَّيِّبُونَ . الْخِيرَةُ الْمُنْتَجَبُونَ . عَلَى الْخَيْرِ أدِلَّتُنَا . وَإِلَى الْجَنَّةِ مَسَالِكُنَا. وَأَنْتِ يَا خِيرَةَ النِّسَاءِ . وَابْنَةََ خَيْرِ الأَنْبِيَاءِ . صَادِقَةٌ فِي قَوْلِكِ سَابِقَةٌ فِي وُفُورِ عَقْلِكِِ. غَيْرَ مَرْدُودَةٍ عَنْ حَقَّكِ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ــــــــــــــ
(1) عزوناه: نسبناه . (2) وفي نسخة : وأخا بعلك . والمعنى واحد.
(3) حميم : قريب.
تابع الخطبة:
ــــــــــــــــــ
وَلاَ مَصْدُودَةٍ عَنْ صِدْقِكِ (1). وَاللهِ مَا عَدَوْتُ رَأْيَ رَسُولِ اللهِ !!! (2) . وَلاَ عَمِلْتُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ . وَالرَّائِدُ لاَ يُكَذِّبُ أَهْلَهُ (3) . وَإِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَكَفَى بِهِ شَهِيداً . أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ : ( نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ لاَ نُوَرِّثُ ذَهَباً وَلاَ فِضَّةً وَلاَ دَاراً وَلاَ عِقَاراً وَإِنَّمَا نُوَرِّثُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ، وَالْعِلْمَ وَالنُّبُوَّةَ . وَمَا كَانَ لَنَا مِنْ طُعْمَةٍ فَلِوَلِيِّالأَمْرِ بَعْدَنَا . أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ بِحُكْمِهِ ) . وَقَدْ جَعَلْنَا مَا حَاوَلْتِهِ فِي الْكِرَاعِ وَالسِّلاَحِ (4) . يُقَاتِلُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ . وَيُجَاهِدُونَ الْكُفَّارَ . وَيُجَالِدُونَ الْمَرَدَةَ الْفُجَّارَ (5) . وَذَلِكَ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ !! لَمْ أَنْفَرِدْ بِهِ وَحْدِي . وَلَمْ أَسْتَبِدْ بِمَا كَانَ الرَّأْيُ عِنْدِي (6) . وَهَذِهِ حَالِي وَمَالِي . هِيَ لَكِ ، وَبَيْنَ يَدَيْكِِ . لاَ تَزْوِي عَنْكِ (7) . وَلاَ تَدَّخِرُ دُونَكِ وَأَنْتِ سَيِّدَةُ أُمَّةِ أَبِيكِ . وَالشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ لِبَنِيكِ . لاَ يُدْفَعُ مَالَكِ مِنْ فَضْلَكِ . وَلاَ يُوضَعُ فِي فَرْعَكِ وَأَصْلَكِ . حُكْمُكِ نَافِذٌ فِيمَا مَلَكَتْ يَدَايَ . فَهَلْ تَرَيِنَّ أَنْ أُخَالِفَ فِي ذَاكَ أَبَاكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــ
(1)مصدودة : ممنوعة . (2) عدوت: جاوزت.
(3) الرائد: الذي يتقدم القوم ، يبصر لهم الكلأ ومساقط الثمار.
(4) الكُراع: جماعة الخيل . (5) يجالدون : يضاربون.
(6) استبد: انفرد بالأمر من غير مشارك فيه.
(7) تزوي عنكِ : تقبض عنكِ .
تابع الخطبة:
ـــــــــــــــــــــ
جَـوَابُ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَمُ :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فَقَالَتْ عَلَيْهَا السَّلاَمُ:
سُبْحَانَ اللهِ ! مَا كَانَ أَبِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ كِتَابِ اللهِ صَادِفاً (1) . وَلاَ لأَحْكَامِهِ مُخَالِفاً . بَلْ كَانَ يَتْبَعُ أَثَرَهُ . وَيَقْفُو سُوَرَهُ (2) . أَفَتَجْمَعُونَ إِلَى الْغَدْرِ اعْتِلاَلاً عَلَيْهِ بِالزُّورِ . وَهَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ شَبِيهٌ بِمَا بُغِيَ لَهُ مِنَ الْغَوَائِلِ فِي حَيَاتِهِ (3) . هَذَا كِتَابُ اللهِ حَكَماً عَدْلاً . وَنَاطِقاً فَصْلاً . يَقُولُ : يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوب ). ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ ) . فَبيَّنَ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا وُزِّعَ عَلَيْهِ مِنَ الأَقْسَاطِ . وَشَرَعَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالْمِيرَاثِ . وَأَبَاحَ مِنْ حَظِّ الذُّكَرَانِ وَالإِنَاثِ . مَا أَزَاحَ بِهِ عِلَّةَ الْمُبْطِلِينَ . وَأَزَالَ التَّظَنِّي وَالشُّبُهَاتِ فِي الْغَابِرِينَ (4) .
كَلاَّ ، بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً . فَصَبْرُ جَمِيلٌ . وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) صادفاً: معرضاً . يقال: صدف عن الحق إذا أعرض عنه.
(2) يقفو: يتبع . (3) الغوائل: جمع غائلة أي الحادثة المهلكة.
(4) التظني: إعمال الظن . الغابرين: الباقين.
تابع الخطبة:
ــــــــــــــــــــ
جواب أبو بكر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فَقَالَ أَبُو بَكْـرٍ : صَدَقَ اللهُ وَصَدَقَ رَسُولُهُ . وَصَدقَتْ ابْنَتُهُ . مَعْدِنُ الْحِكْمَةِ . وَمَوْطِنُ الْهُدَى وَالرَّحْمَةِ . وَرُكْنُ الدِّينِ . وَعَيْنُ الْحُجَّةِ . لاَ أُبْعِدُ صَوَابَكِ . وَلاَ أُنْكِـُر خِطَابَكِ . هَؤُلاَءِ الْمُسْلِمُونَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ . قَلَّدُونِي مَا تَقَلّتُ . وَبِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ أَخَذْتُ مَا أَخَذْتُ . غَيْرَ مُكَابِرٍ وَلاَ مُسْتَبِدٍّ . وَلاَ مُسْتَأْثِرٍ . وَهُمْ بِذَلِكَ شُهُودٌ.
تابع الخطبة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءِ تُوَجِّهُ الخِطَابَ إِلَى الحَاضِرينَ :
فَالْتَفَتَتْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَمِ إِلَى النَّاسِ وَقَالَتْ :
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ . الْمُسْرِعَةِ إِلَى قِيلِ الْبَاطِلِ . الْمُغْضِيَةِ عَلَى الْفِعْلِ الْقَبِيحِ الْخَاسِرِ (1) . أَفَلاَ تَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ؟ كَلاَّ ، بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَا أَسَأْتُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ . فَأَخَذَ بِسَمْعِكُمْ وَأَبْصَارِكُمْ . وَلَبِئْسَ مَا تَأَوَّلْتُمْ . وَسَاءَ مَا بِهِ أَشَرْتُمْ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
(1) الساكتة الراضية.
تابع الخطبة:
وَشَرَّ مَا مِنْهُ إِعْتَضَتُّمْ (1) . لَتَجِدَنَّ وَاللهِ مَحْمِلَهُ ثَقِيلاً . وَغِبَّهُ وَبِيلاً (2) . إِذَا كُشِفَ لَكُمُ الْغِطَاءُ . وَبَانَ مَا وَرَاءَهُ الضَّرَّاءُ . وَبَدَا لَكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَحْتَسِبُونَ.
وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ
ثُمَّ عَطَفَتْ عَلَى قَبْرِ أَبِيهَا رَسُولُ اللهِ (ص ) وَقَالَتْ :
قَـدْ كَانَ بَعْـدَكَ أَنْبَاءٌ وَهَـنْبَثَـةٌ (3)
لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ تُكْثِرِالْخُطَبُ (4)
إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْـدَ الأَرْضِ وَابِلَهَا (5)
وَاخْتَلَّ قَوْمُكُ فَاشْهِدْهُمْ وَلاَ تَغِـبُ
وَكُلُّ أَهْـٍل لَهُ قُـرْبَى وَمَـنْزِلَةٌ
عِنْـَد الإِلَهِ عَلَى الأَدْنَـيْنِ مُـقْتَرِبُ
أَبْدَتْ رِجَالٌ لَنَا نَجْوَى صُدُورِهُمُ (7)
لَماَّ مَضَيْـتَ وَحَالَتْ دُونَكَ التُّـرَبُ
تَجَهَّـمَتْنَا رِجَالٌ وَاسْـتُخِفَّ بِنَـا
لَماَّ فُقِـْدتَ وَكُلُّ الإِرْثِ مُغْتَصَـبُ (8)
وَكُنْـَتَ بَدْراً وَنُوراً يُسْتَضَاءُ بِـهِ
عَـلَيْكَ تُنْزِلُ مِنْ ذِي الْعِـزَّةِ الْكُتُـبُ
وَكَـانَ جِـبْرِيلَ بِالآيَاتِ يُؤْنِسُـنَا
فَقَـدْ فُقِدْتَ وَكُلُّ الْخَيْرِ مُحْتَجَـبُ
فَلَيْتَ قَبْلَكَ كَانَ الْمَـوْتُ صَادِفُـنَا
لَماَّ مَضَيْـتَ وَحَالَتْ دُونَكَ الْكُثُـبُ (9)
إناَّ رُزِينَا بِمَا لَمْ يُرْزَ ذُو شَجَـنٍ (10)
مِـنَ الْبَرِيَّـةِ لاَ عُجْـمٌ وَلاَ عَـرَبُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــــــــــــ
(1) اعتضتم: من الإعتياض وهو أخذ العوض. (2) الغِب: العاقبة.
والوبيل: الشديد الثقيل . (3) الهنبثة: الأمر الشديد المختلف
. (4) الخُطُب: جمع خَطب وهي المصائب الشديدة. (5) الوابل:
المطر الغزير الكثير. (6) نكبوا: عدلوا عن الطريق. (7) نجوى هنا:-
الأحقاد . (8) مُغتصب: مغصوب. (9) الكُثُب: جمع كثيب وهو الرمل.
(10) رُزينا : من الرزية وهي المصيبة . والشجن : الحزن .