خطبة فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَم في المسجد النبوي الشريف:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رَوَى عبد الله بن الحسن بإسناده عن آبائه ، أنَّه لَمَّا أرادت فاطمة أن تخطب بهذه الخطبة شدَّت خِمَارَهَا على رأسِهَا واشتملَتْ بجِلْبَابَها، وأقْبَلَتْ في جماعَةٍ مِنْ نِسَاءِ قَوْمِهَا ، مَا تَنْقُصُ مَشْيَتَهَا مَشْيَةِ رَسُول الله (ص) حَتَّى دَخَلَتْ المسجد النبوي وفي المسجد حَشَدٍ مِنَ الْمُهاجرين والأنصار وغيرهم . وأُمِرَ بستار بينها وبين القوم ، فجلستْ ثم أنَّت أنَّةً أَجْهَشَ القوم بالبُكاءِ ، فارتَجَّ المجلس ثُمَّ أمهلتْ هَنيئةً حتى إذا سكنَ نشيجَ القوم وهدأتْ فَوْرتهُم افتتحت الكلام بحمد الله والثَّناءِ عليهِ والصَّلاةُ على رَسُوله (ص)، فعاد القومِ في بكائِهِمْ ، فَلَمَّا أمْسَكُوا عادتْ في كلامِهَا فقالت عليها السلام:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى مَا أنْعَمَ . ولَهُ الشُّكْرُ عَلَى مَا أَلْهَمَ . وَالثَّنَاءُ بِما قَدَّمَ . مِنْ عُمُومِ نِعَمَ إبْتَدَاهاَ . وَسُبُوغِ آلاَءٍ أَسْدَاهاَ(1) . وَتَمَامِ مِنَنٍ وَالاَهاَ . جَمَّ عَنِ الإِحْصَاءِ عَدَدُهاَ(2) . وَنَأَى عَنِ الْجَزَاءِ أَمَدُهاَ(3). وَتَفَاوَتَ عَنِ الإِدْرَاكِ أَبَدُهاَ . وَنَدَبَهُمْ لاِسْتِزَادَتِهاَ بِالشُّكْرِ لاِتِّصَالِهاَ(4) . وَاسْتَحْمَدَ إِلَى الْخَلاَئِقِ بِإِجْزَالِهاَ .
وَثَنَّى بِالنَّدْبِ إِلَى أَمْثَالِهاَ(5) . وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ . كَلِمَةٌ جَعَلَ الإِخْلاَصَ تَأْوِيلَهاَ . وَضَمَّنَ الْقُلُوبَ مَوْصُولَهاَ (6) . وَأَنَارَ فِي التَّفَكُّرِ مَعْقُولَهاَ . الْمُمْتَنِعُ عَنِ الأَبْصَارِ رُؤْيَتُهُ . وَمِنَ الأَلْسُنِ صِفَتُهُ . وَمِنَ الأَوَهَامِ كَيْفِيَّتُهُ . أَبْتَدَعَ الأَشْيَاءَ لاَ مِنْ شَيْءٍ كَانَ قَبْلَهاَ(7) . وَأَنْشَأَهاَ بِلاَ احْتِذَاءِ أَمْثِلَةٍ إِمْتَثَلَهاَ
(8) . كَوَّنَهاَ بِقُدْرَتِهِ . وَذَرَأَهاَ بِمَشِيئَتِهِ (9) . مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَى تَكْوِينِهاَ . وَلاَ فَائِدَةٍ لَهُ فِيْ تَصْوِيرِهاَ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ــــــــــــــ
(1) سبوغ النعم: إتساعها. (2) جم : كثر . (3) نأى: بعد. وهكذا تفاوت.
(4) ندبهم: دعاهم. والإستزادة: طلب زيادة الشكر. وهكذا أستحمد.
(5) ثنى بالندب: أي كما أنه ندبهم لاستزادتها كذلك ندبهم الى أمثالها من
موجبات الثواب. (6) جعل القلوب محتوية لمعنى كلمة التوحيد.
(7) أحدثها. (8) الإحتذاء: الإقتداء. (9) ذرأها: خلقها
تابع الخطبة:
ــــــــــــــــــــــــــــ
إلاَّ تَثْبِيتاً لِحِكْمَتِهِ . وَتَنْبِيهاً عَلَى طَاعَتِهِ . وَإِظْهَاراً لِقُدْرَتِهِ . وَتَعَبُّداً لِبَريَّتِهِ . وَإِعْزَازاً لِدَعْوَتِهِ. ثُمَّ جَعَلَ الثَّوَابَ عَلَى طَاعَتِهِ . وَوَضَعَ الْعِقَابَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ . ذِيَادَةً لِعِبَادِهِ مِنْ نِقْمَتِهِ (1) . وَحِيَاشَةً لَهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ (2) . وَأَشْهَدُ أَنَّ أَبِي (مُحَمَّداً ) عَبْدُهُ وَرَسُولُه. أَخْتَارَهُ قَبْلَ أَنْ أَرْسَلَهُ . وَسَمَّاهُ قَبْلَ أَنْ إجْتَبَاهُ .
وَاصْطَفَاهُ قَبْلَ أَنِ ابْتَعَثَهُ . إِذْ الْخَلاَئِقُ بِالْغَيْبِ مَكْنُونَةٌ . وَبِسِتْرِ الأَهَاوِيلِ مَصُونَةٌ . وَبِنِهَايَةِ الْعَدَمِ مَقْرُونَةٌ .عِلْماً مِنَ اللهِ تَعَالَى بِمَآئِلِ الأُمُورِ (4) . وَإِحَاطَةً مِنْهُ بِحَوَادِثِ الدُّهُورِ . وَمَعْرِفَةً بِمَوَاقِعِ الْمَقْدُورِ . ابْتَعَثَهُ اللهُ إِتْمَاماً لأَمْرِهِ . وَعَزِيمَةً عَلَى إِمَضَاءِ حُكْمِهِ . وَإِنْفَاذاً لِمَقَادِيرِ رَحْمَتِهِ . فَرَأَى الأُمَمَ فِرَقاً فِيْ أَدْيَانِهاَ . عُكَّفاً عَلَى نِيرَانِهاَ . عَابِدَةً لأَوْثَانِهاَ . مُنْكِرَةً للهِ مَعَ عِرْفَانِهاَ . فَأَنَارَ اللهُ بِأَبِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ظُلَمَهاَ (5) . وَكَشَفَ عَنِ الْقُلُوبِ بُهَمَهاَ (6) . وَجَلَى عَنِ الأَبْصَارِ غُمَمَهاَ (7) . وَقَامَ فِيْالنَّاسِ بِالْهِدَايَةِ . فَأَنْقَذَهُمْ مِنَ الْغِوَايَةِ . وَبَصَّرَهُمْ مِنَ الْعِمَايَةِ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــــــ
(1) ذيادة : منعاً . (2) حياشة لهم : سوقهم . (3) اجتبله : فطره .
(4) المآئل : جمع مئال أي المرجع . (5) ظُلم : جمع ظلمة . (6) البُهم:
جمع بهمة وهي مشكلات الأمور . (7) الغمم : جمع غمة أي الشيء
الملتبس المستور.
تابع الخطبة:
ــــــــــــــــــــــ
وَهَدَاهُمْ إِلَى الدِّينِ الْقَوِيمِ . وَدَعَاهُمْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ . ثُمَّ قَبَضَهُ اللهُ إِلَيْهِ قَبْضَ رَأْفَةٍ وَاخْتِيَارٍ . وَرَغْبَةٍ وَإِيثَارٍ . فَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ . مِنْ تَعَبِ هَذِهِ الدَّارِ فِي رَاحَةٍ. قَدْ حُفَّ بِالْمَلاَئِكَةِ الأَبْرَارِ . وَرِضْوَانِ الرَّبِّ الْغَفَّارِ . وَمُجَاوَرَةِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ. صَلَّى اللهُ عَلَى أَبِي . نَبِيِّهِ وَأَمِينِهِ عَلَى الْوَحْيِ وَصَفِيِّهِ .
وَخِيرَتِهِ مِنَ الْخَلْقِ وَرَضِيّهِ. وَالسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
ثُمَّ قَالَتْ:
أَنْتُمْ عِبَادَ اللهِ نُصُبُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ (1) . وَحَمَلَةَ دِينِهِ وَوَحْيِهِ . وَأُمَنَاءُ اللهِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ (2) . وَبُلَغَاؤُهُ إِلَى الأُمَمِ (3) . زَعِيمُ حَقٌّ لَهُ فِيكُمْ . وَعَهْدٍ قَدَّمَهُ إِلَيْكُمْ . وَبَقِيَّةٍ إسْتَخْلَفَهاَ عَلَيْكُمْ . كِتَابُ اللهِ النَّاطِقُ . وَالْقُرْآنُ الصَّادِقُ . وَالنُّورُ السَّاطِعُ (4) . وَالضِّيَاءُ اللاَّمِعُ (5). بَيِّنَـةً بَصَائِرُهُ . مُنْكَشِفَةً سَرَائِرُهُ (6) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ــــــــــــــــ
(1)منصوبون لأوامره ونواهيه . (2) أمناء : جمع أمين .
(3) البلغاء : جمع بليغ ، والمقصود هنا المبلغ . (4) الساطع : المرتفع .
(5) اللامع : المضيء . (6) البصائر : جمع بصيرة ، والمراد هنا: الحجج
والبراهين . والسرائر : جمع سريرة، والمقصود هنا: الأسرار الخفية واللطائف
الدقيقة .
تابع الخطبة:
ـــــــــــــــــــــــــــ
مُتْجَلِيَةً ظَوَاهِرُهُ (1) . مُغْتَبِطَةً أَشْيَاعُهُ (2). قَائِدًا إِلَى الرِّضْوَانِ إتِّبَاعُهُ . مُؤَدٍّ إِلَى النَّجَاةِ اسْتِمَاعُهُ . بِهِ تُنَالُ حُجَجُ اللهِ الْمُنَوَّرَةُ . وَعَزَائِمُهُ الْمُفَسَّرَةُ (3) . وَمَحَارِمُهُ الْمُحَذِّرَةُ . وبَيِّـنَاتُهُ الْجَالِيَةُ (4) . وَبَرَاهِينُهُ الْكَافِيَةُ . وَفَضَائِلُهُ الْمَنْدُوبَةُ (5) . وَرُخَصُهُ الْمَوْهُوبَةُ . وَشَرَائِعُهُ الْمَكْتُوبَةُ (6) . فَجَعَلَ اللهُ الإِيمَانَ تَطْهِيراً لَكُمْ مِنَ الشِّرْكِ . وَالصَّلاَةَ تَنْزِيهاً لَكُمْ عَنِ الْكِبْرِ . وَالزَّكَاةَ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ وَنمِاَءً فِي الرِّزْقِ . وَالصِّيَامَ تَثْبِيتاً لِلإِخْلاَصِ . وَالْحَجَّ تَشْيِيداً لِلدِّينِ . وَالْعَدْلَ تَنْسِيقاً لِلْقُلُوبِ (7). وَإِطَاعَتَناَ نِظَاماً لِلْمِلَّةِ . وَإِمَامَتَناَ أَمَاناً لِلْفُرْقَةِ . وَالْجِهَادَعِزاًّ لِلإِسْلاَمِ . وَالصَّبْرَ مَعُونَةً عَلَى اسْتِيجَابِ الأَجْرِ . وَالأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلِحَةً لِلْعَامَّةِ . وَبِرَّ الْوَالِدَيْنِ وِقَايَةً مِنَ السَّخَطِ . وَصِلَةَ الأَرْحَامِ مَنْسَاءً فِي الْعُمْرِ وَمَنْمَاةً لِلْعَدَدِ (8) . وَالْقِصَاصَ حِقْناً لِلدِّمَاءِ (9) . وَالْوَفَاءَ بِالنَّذْرِ تَعْرِيضاً لِلْمَغْفِرَةِ (10) . وَتَوْفِيَةَ الْمَكَايِيلِ وَالْمَوَازِينِ تَغْيِيراً لِلْبَخْسِ(11) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــــ
(1) متجلية: منكشفة. (2) الغبطة: أن تتمنى مثل حال المغبوط إذا كان بحالة
حسنة. (3) العزائم: جمع عزيمة:- الفريضة التي افترضها الله. (4) الجالية:
الواضحة. (5) المندوبة: المدعو إليها. (6) المكتوبة: الواجبة. (7) التنسيق:
التنظيم . (8) منماة على وزن مسحاة :- اسم آلة للنمو ، ولعلها مصدر ميمي
للنمو . (9) حقناً : حفظاً . (10) تعريضاً : إذا جعلته في عرضة الشيء .
(11) المكاييل : جمع مكيال : وهو ما يكال به . والموازين: جمع
ميزان. والبخس: النقص.
تابع الخطبة:
ــــــــــــــــــــــــــ
وَالنَّهْيَ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ تَنْزِيهاً عَنِ الرِّجْسِِ . وَاجْتِنَابَ الْقَذْفِ حِجَاباً عَنِ اللَّعْنَةِ . وَتَرْكَ السَّرِقَةِ إِيجَاباً لِلْعِفَّةِ . وَحَرَّمَ اللهُ الشِّرْكَ إِخْلاَصًا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .
وَأَطِيعُوا اللهَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنهَاَكُمْ عَنْهُ . فَإِنَّهُ إِنمَّاَ يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ.
ثُمَّ قَالَتْ : أيُّهاَ النَّاسُ .. اعْلَمُوا أَنيِّ فَاطِمَةٌ ، وَأَبِي مُحَمَّدٌ ، أَقُولُ عَوْداً وَبَدْءاً (1) . وَلاَ أَقُولُ مَا أَقُولُ غَلَطاً. وَلاَ أَفْعَلُ مَا أَفْعَلُ شَطَطاً (2). ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَـزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ، حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) (3). فَإِنْ تَعْزُوهُ وَتَعْرِفُوهُ تَجِدُوهُ أَبِي دُونَ نِسَائِكُمْ (4) . وَأَخَا ابْنِ عَمِّي دُونَ
رِجَالِكُمْ . وَلَنِعْمَ الْمَعْزِيِّ إِلَيْهِ (5) (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) . فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ ، صَادِعاً بِالنَّذَارَةِ (6) . مَائِلاً
عَنْ مَدْرَجَةِ الْمُشْرِكِينَ (7) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــ
(1) عوداً وبدءاً: آخراً وأولاً. (2) شططاً: ظلماً وجوراً. (3) سورة
التوبة آية 129. (4) تعزوه: تنسبوه. (5) المعزي إليه: المنسوب إليه.
(6) صادعاً: مظهراً. النذارة: الإنذار والتخويف. (7) مدرجة المشركين:
طريقهم ومسلكهم.
تابع الخطبة:
ـــــــــــــــــــــــ
ضَارِبًا ثَبَجَهُمْ (1) آخِذًا بأَكْظَامِهِمْ (2) دَاعِياً إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ . يَجُفُّ (يُكَسِّرُ) الأَصْنَامَ . وَيَنْكُثُ الْهَامَّ (3) . حَتَّى انْهَزَمَ الْجَمْعُ وَوَلُّوا الدُّبُرَ . حَتَّى تَفَرَّى اللَّيْلُ عَنْ صُبْحِهِ (4) . وَأَسْفَرَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ (5) . وَنَطَقَ زَعِيمُ الدِّينِ . وَخَرَسَتْ شَقَاشِقُ الشَّيَاطِينِ (6) . وَطَاحَ وَشِيظُ النِّفَاقِ (7) . وَانْحَلَّتْ عُقَدُ الْكُفْرِ وَالشِّقَاقِ (8) . وَفُهْتُمْ بِكَلِمَةِ الإِخْلاَصِ (9) . فِي نَفَرٍ مِنَ الْبِيضِ الخِمَاصِ (10) . وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ (11) . مُذْقَةَ الشَّارِبِ (12) . وَنُهْزَةَ الطَّامِعِ (13) . وَقُبْسَةَ الْعَجَلاَنِ (14) . وَمَوْطِئَ الأَقْدَامِ . تَشْرَبُونَ الطَّرْقَ (15) . وَتَقْتَاتُونَ القِدَّ وَالْوَرَقَ (16) . أَذِلَّةً خَاسِئِينَ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــــ
(1) الثبج فتح الثاء والباء : الكاهل ، ووسط الشيء .
(2) الكظم بفتح الكاف والظاء : الفم أو الحلق أو مخرج النفس.
(3) نكته على هامته : إذا ألقاه على رأسه . (4) تفرى : انشق.
(5) أسفر : إذا انكشف وأضاء . والمحض : الخالص.
(6) شقاشق : جمع شقشقة وهي شيء يشبه الرئة يخرج من فم
البعير إذا هاج . (7) الوشيظ : الأتباع والخدم . (8) الشقاق:
الخلاف. (9) فهتم: تلفظتم. (10) البيض: جمع أبيض.
والخماص: جمع خميص وهو الجائع. (11) شفا حفرة: جانبها
المشرف عليها . (12) المذقة : بضم الميم شربة من اللبن
الممزوج بالماء . (13) النهزة : بضم النون الفرصة.
(13) قبسة العجلان: الشعلة من النار التي يأخذها الرجل العاجل.
(14) الطرق : بفتح الطاء وسكون الراء الماء الذي خوضته الإبل
وبولت فيه. (15) تقتاتون : تجعلون قوتكم. والقد: بكسر القاف
قطعة جلد غير مدبوغ ويحتمل أن يكون بمعنى القديد وهو اللحم
المجفف في الشمس.
تابع الخطبة:
ـــــــــــــــــــــــــ
تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِكُمْ . فَأَنْقَذَكُمُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ . بَعْدَ اللَّتَيَا وَالَّتِي . وَبَعْدَ أَنْ مُنِيَ بِبُهَمِ الرِّجَالِ. (1) وَذُؤْبَانِ الْعَرَبِ . وَمَرَدَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ (2) . كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ . أَوْ نَجَمَ قَرْنُ الشَّيْطَانِ (3) . أَوْ فَغَرَتْ فَاغِرَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ (4) . قَذَفَ أَخَاهُ فِي لَهَوَاتِهَا (5) . فَلاَ يَنْكَفِىءُ حَتَّى يَطَأَ صِمَاخَهَا بِأَخْمَصِهِ (6) . وَيِخْمِدَ لَهَبَهَا بِسَيْفِهِ (7) . مَكْدُوداً فِي ذَاتِ اللهِ (8) . مُجْتَهِداً فِي أَمْرِ اللهِ . قَرِيباً مِنْ رَسُولِ اللهِ . سَيِّداً فِي أَوْلِيَاءِ اللهِ . مُشَمِّراً نَاصِحاً . مُجِداًّ كَادِحاً (9) . لاَ تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ . وَأَنْتُمْ فِي رَفَاهِيَةٍ مِنَ الْعَيْشِ (10) . وَادِعُونَ فَاكِهُونَ آمِنُونَ (11) . تَـتَرَبَّصُونَ بِنَا الدَّوَائِرَ . وَتَـتَوَكَّفُونَ الأَخْبَارَ (12) .وَتَنْكُصُونَ عِنْدَ النِّزَالِ (13) . وَتَفِرُّونَ مِنَ الْقِتَالِ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ــــــــــــــــ
(1) مني: فعل ماضي مجهول: ابتلي. والبهم على وزن الغرف:
جمع بهمة، وهو الشجاع الذي لا يهتدي من أين يؤتى.
(2) مرد ة بفتح الميم والراء والدال : جمع مارد وهو العاتي .
(3) نجم فعل ماضي : طلع . وقرن الشيطان : اتباعه .
(4) فغر : فتح . فاغرة فاها : أي فاتحة فمها .
(5) اللهوات جمع لهاة: لحمة مشرفة على الحلق في أقصى الفم.
(6) ينكفىء: يرجع. يطأ: يدوس. صماخها: أذنها. بأخمصه: باطن قدمه.
(7) يخمد : يطفأ : لهبها : اشتعالها . (8) المكدود : المتعب.
(9) شمر ثوبه : رفعه . مجد بضم الميم وكسر الجيم : مجتهد .
والكادح : الساعي . (10) رفاهية : سعة . (11) وادعون: مرتاحون.
فاكهون: ناعمون. (12) الدوائر: العواقب المذمومة وحوادث الأيام.
(13) تتوكفون: تتوقعون بلوغ الأخبار. (13) تنكصون: ترجعون
وتتأخرون. والنزال: القتال.
تابع الخطبة:
ـــــــــــــــــــــ
ثُمَّ قَالَتْ عَلَيْهَا السَّلاَمُ :
فَلَماَّ اخْتَارَ اللهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ دَارَ أَنْبِيَائِهِ . وَمَأْوَى أَصْفِيَائِهِ . ظَهَرَ فِيكُمْ حَسْكَةُ النِّفَاقِ (1) . وَسَمُلَ جِلْبَابُ الدِّينِ (2) . وَنَطَقَ كَاظِمُ الْغَاوِينَ (3) . وَنَبَغَ خَامِلُ الأَقَلِّينَ (4) . وَهَدَرَ فَنِيقُ الْمُبْطِلِينَ (5) . فَخَطَرَ فِي عَرَصَاتِكُمْ (6) . وَأَطْلَعَ الشَّيْطَانُ رَأْسَهُ مِنْ مَغْرَزِهِ (7) . هَاتِفاً بِكُمْ . فَأَلْفَاكُمْ لِدَعْوَتِهِ مُسْتَجِيبِينَ . وَلِلْغِرَّةِ فِيهِمُلاَحِظِينَ (8) . ثُمَّ اسْتَنْهَضَكُمْ فَوَجَدَكُمْ خِفَافاً . وَأَحْمَشَكُمْ فَأَلْفَاكُمْ غِضَاباً (9) . فَوَسَمْتُمْ غَيْرَ إِبِلِكُمْ (10) . وَأَوْرَدْتُمْ غَيْرَ مَشْرَبِكُمْ (11) . هَذَا وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ . وَالْكَلْمُ رَحِيبٌ (12) . وَالْجُرْحُ لَمَّا يَنْدَمِلُ (13) . وَالرَّسُولُ لَمَّا يُقْبَرُ (14).إِبْتِدَارًا زَعَمْتُمْ خَوْفَ الْفِتْنَةِ (15) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــــ
(1) الحسكة والحسيكة: الشوكة. (2) سمل الثوب: صار خلقاً.
والجلباب : ثوب واسع . (3) كاظم الغاوين : الساكت الضال الجاهل.
(4) ظهر من خفي صوته واسمه من الأذلاء. (5) هدر البعير: ردد
صوته في حنجرته . والفنيق : الفحل من الإبل . (6) خطر : إذا حرك
ذنبه. (7) المغرز: بكسر الراء: ما يختفي فيه. (8) الغِرَّة : الإنخداع.
وملاحظين: ناظربن ومراعين. (9) أحمشكم: أغضبكم. (10) الوسم:
الكي. وسمه: كواه. (11)الشِّرب: النصيب من الماء. (12) الكلم:
الجرح : ورحيب : واسع . (13) اندمل : تراجع إلى الوراء .
(14) يقبر : يدفن . (15) ابتداراً : معاجلة .
تابع الخطبة:
ـــــــــــــــــــــ
أَلا: فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ . فَهَيْهَاتَ مِنْكُمْ ؛ وَكَيْفَ بِكُمْ ؟ وَأَنَّى تُؤْفَكُونَ . (1) وَكِتَابُ اللهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ . أُمُورُهُ ظَاهِرَةٌ . وَأَحْكَامُهُ زَاهِرَةٌ . وَأَعْلاَمُهُ بَاهِرَةٌ وَزَوَاجِرُهُ لاَئِحَةٌ . وَأَوَامِرُهُ وَاضِحَةٌ . وَقَدْ خَلَّفْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ . أَرَغْبَةً عَنْهُ تُرِيدُونَ ؟ أَمْ بِغَيْرِهِ تَحْكُمُونَ . بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً . ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ، وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ). ثُمَّ لَمْ تَلْبَثُوا إِلاَّ رَيْثَ أَنْ تَسْكُنَ نَفْرَتَهَا (2) . وَيَسْلَسَ قِيَادَهَا (3) . ثُمَّ أَخَذْتُمْ تُورُونَ وَقْدَتَهَا .وَتُهَيِّجُونَ جَمْرَتهَاَ (4) . وَتَسْتَجِيبُونَ لِهِتَافِ الشَّيْطَانِ الْغَوِي . وَإِطْفَاءِ أَنْوَارِ الدِّينِ الْجَلِي . وَإِهْمَالِ سُنَنِ النَّبِيِّ الصَّفِي . تُسِرُّونَ حَسْواً فِي ارْتِغَاءٍ (5) . وَتُمْشُونَ لأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ فِي الْخَمَرِ وَالضَّرَّاء (6) . وَنَصْبِرُ مِنْكُمْ عَلَى مِثْلِ حَزِّ الْمَدَى (7) . وَوَخْزِ السِّنَانِ فِي الْحِشَاءِ . (8)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــــــ
(1)تؤفكون: أي تصرفون. (2) ريث: قدر.
(3) يسلس: يسهل. (4) تورون: تخرجون نارها.
تهيجون: تثيرون. (5) بأتي المعنى في شرح الخطبة.
(6) الخَمَر. ما يسترك من الشجر وغيره. (7) المُدى:
جمع مُدية وهي الشفرة. (8) الوخز: الطعن. والسنان:
رأس الرمح.
تابع الخطبة:
ــــــــــــــــــــــ
وَأَنْتُمْ الآنَ تَزْعُمُونَ أَنْ لاَ إِرْثَ لَنَا . ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ؟ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ؟ ) . أَفَلاَ تَعْلَمُونَ ؟ بَلَى ، تَجَلَّى لَكُمْ كَالشَّمْسِ الضَّاحِيَةِ أَنِّي ابْنَتُهُ. أَيُّهّا الْمُسْلِمُونَ أَأُغْلبُ عَلَى إِرْثِي.
ثُمَّ قَالَتْ عَلَيْهَا السَّلاَمُ:
يَا ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ ! أَفِي كِتَابِ اللهِ تَرِثُ أَبَاكَ وَلاَ أَرِثُ أَبِي ؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً فَرِياًّ !! (1) . أَفَلاَ عَمَدٍ تَرَكْتُمْ كِتَابَ اللهِ وَنَبَذْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ؟ إِذْ يَقُولُ : وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ (2) . وَقَالَ فِيمَا اقْتَصَّ مِنْ خَبَرِ زَكَرِيَّا إِذْ قَالَ : فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِياًّ . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبِ (3) . وَقَالَ : وَأُوُلوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ (4) . وَقَالَ: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَضِّ الأُنْثَيَيْنِ (5) . وَقَالَ : إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (6) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــــ
(1) فريًّا: أمراً عظيماً أو منكراً قبيحاً. (2) سورة النمل آية 16.
(3) سورة مريم آية 6 . (4) سورة الأنفال الآية 75 .
(5) سورة النساء آية 11 . (6) سورة البقرة آية 18 .
تابع الخطبة:
ــــــــــــــــــــــ
وَزَعَمْتُمْ أَنْ لاَ حَظْوَةَ لِي ! (1) وَلاَ إِرْثُ مِنْ أَبِي وَلاَ رَحِمَ بَيْنَنَا ! أَفَخَصَّكُمُ اللهُ بِآيَةٍ أَخْرَجَ أبي مِنْهَا ؟ أَمْ تَقُولُونَ : إنَّ أَهْلَ مِلَّتَيْنِ لاَ يَتَوَارَثَانِ ؟ أَوَلَسْتُ أَنَا وَأَبِي مِنْ أَهْلِ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ ؟ أَمْ أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِخُصُوصِ الْقُرْآنِ وَعُمُومِهِ مِنْ أَبِي وَابْنِ عَمِّي ؟ فَدُونَكَهَا مَخْطُومَةً مَرْحُولَةً (2) . تَلْقَاكَ يَوْمَ حَشْرِكَ . فَنِعْمَ الْحَكَمُ اللهُ . وَالزَّعِيمُ مُحَمَّدٌ . وَالْمَوْعِدُالْقِيَامَةُ . وَعِنْدَ السَّاعَةِ يَخْسِرُ الْمُبْطِلُونَ . وَلاَ يَنْفَعُكُمْ إِذْ تَنْدِمُونَ .
( وَلِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ ، فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ ، وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ) .
ثُمَّ رَمَتْ طَرْفَهَا نَحْوَ الأَنْصَارِ فَقالَتْ :
يَا مَعْشَرَ النَّقِيبَةِ ، وَأَعْضَادَ الْمِلَّةِ ، وَحَضَنَةَ الإِسْلاَمِ ، مَا هَذِهِ الْغَمِيزَةُ فِي حَقِّي ؟ (4) . وَالسِّنَةُ عَنْ ظُلاَمَتِي . أَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَبِي يَقُولُ : ( الْمَرْءُ يُحْفَظُ فِي وُلْدِهِ ؟) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ـــــــــــــــ
(1) الحظوة: النصيب. (2) ناقة مخطومة ومرحولة: الخِطام: الزمام.
ومرحولة: من الرحل وهو للناقة كالسرج للفرس. (3) حضنة: جمع
حاضن بمعنى الحافظ . (4) الغميزة : الضعف أو الغفلة .
تابع الخطبة:
ـــــــــــــــــــــــــ
سَرْعَانَ مَا أَحْدَثْتُمْ . وَعَجْلاَنَ ذَا إِهَالَةٍ . وَلَكُمْ طَاقَةٌ بِمَا أُحَاوِلُ . وَقُوَّةٌ عَلَى مَا أَطْلُبُ وَأُزَاوِلُ (1) . أَتَقُولُونَ : مَاتَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ . فَخَطْبٌ جَلِيلٌ . إسْتَوْسَعَ وَهْنُهُ (2) . وَاسْتَنْهَر فَتْقُهُ (3) . وَانْفَتَقَ رَتقُهُ . وَأُظْلِمَتِ الأَرْضُ لِغَيْبَتِهِ . وَكُسِفَتِ الشَّمْسُ والْقَمَرُ وَانْتَثَرَتِ النُّجُومُ لِمُصِيْبَتِهِ . وَأَكْدَتِ الآمَالُ (4) . وَخَشَعَتِ الْجِبَالُ . وَأُضِيعَ الْحَرِيمُ (5) . وَأُزِيلَتِ الْحُرْمَةُ عِنْدَ مَمَاتِهِ . فَتِلْكَ وَاللهِ النَّازِلَةُ الْكُبْرَى (6) . وَالْمُصِيبَةُ الْعُظْمَى . لاَ مِثْلُهَا نَازِلَةٌ . وَلاَ بَائِقةٌ عَاجِلَةٌ (7) . أُعْلِنَ بِهَا كِتَابُ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي أَفْنِيَتِكُمْ (8) . فِي مُمْسَاكُمْ وَمُصْبِحِكُمْ . يَهْتِفُ فِي أفْنِيَتِكُمْ هُتَافاً وَصُرَاخاً. وتِلاَوَةً وَأَلْحَاناً . وَلَقَبْلَهُ مَا حَلَّ بِأَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ. حُكْمٌ فَصْلٌ . وَقَضَاءٌ حَتْمٌ . ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ، وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئا ً، وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــرح:
ــــــــــــــــ
(1) أزاول: أقصد. (2) استوسع وهنه: اتسع غاية الإتساع.
(3) كالمعنى المتقدم. (4) أكدت: انقطعت. (5) الحريم:
ما يحميه الرجل ويقاتل عنه. (6) النازلة: الشديدة.
(7) البائقة: الداهية. (8) أفنيتكم: جمع فِناء - جوانب الدار
من الخارج أو العرصة المتسعة أمام الدار.